السبت، 23 أكتوبر 2010

رحيل امرأة


                          رحيلُ امرأة
                                                            من وحي مدينة جرش

أمسِ انتَصَرتْ قسماتُ امرأةٍ                           
في عيني
في كلِّ رحيلٍ تذرُفُني
عُشباً
و مرايا
و عيون
تذكرُ أنّي كنتُ هنا
خيطَ الشمسِ الأخضرْ
ألوانَ الأرضِ وأكثرْ
في تلك الأيام أنا
كنتُ أنا،
كان ردائي قمراً يُزهرْ
***
تَعِبتْ راحِلتي
في غفلةِ روحي
               سُلِبت أمتعتي
و الوردُ المنثورُ على العشبِ
انتفضَ غريباً
و روائحُ عطرِكِ دانِيَةٌ
منّي
من دِفئي
وشِتائي
و فضاءاتِ العمر المكتومْ
***
صُلِبتْ في قوس النصرِ مناديلي
أجنحةً لتَعاويذ الليل،     
و سبيلُ الحورياتْ
عانقني
وأراقَ دمي
حتى أصبح نهر الذهبِ شراييني
من فوهةِ الأحجارِ تسيلُ ضلوعي
في عمق الأرض يعتِّقُني
كأساً
لدروبِ العشقِ المرويَّةِ بالنورْ
لسنابلِ قمحٍ تنظرُ للتنّورْ
فأشمُّ ظفائرَ أمي
تسبحُ في سَفَري المحتومْ
***
يتحدى الصبحُ على وَجَلٍ
أعباءَ العتمةْ
يتنفسُ جرحي ورقَ الأشجارِ الصفرْ
تسقطُ شاكيةً
ويلاتِ الفرقةْ
حينَ تودِّعُ غصناً يحملها
يختنقُ النايْ
***
أرتيمس
كيف ارتطمتْ يمناكِ بساقيتي ؟
فارتجع الوردْ
كيفَ حصدتِ الدحنونْ ؟
صارت صحرائي خاوِيَةً
وسمائي من غير عيونْ
كيفَ تعرَّتْ أشياؤكِ خلفي 
و رأيتُكِ كاسيةً
بالزعترِ والطيّون
و الدربُ المترعُ بالنار رفيقي
كان هنا
وَجَعاً أخضرْ
***
أرتيمس
ها قد عثر الفارسْ
وانكسرت أجنحةُ العاشقِ لمّا
أسَرتْهُ عيونكْ
عودي
في البردِ على الأغصانِ نديةْ
عودي وَشَقاً
و صهيلاً مجنونْ
***
لو أني غصنٌ محنيٌّ
في غابةِ سروٍ و صنوبر
لَتَفيَّأ ظلِّي ألفُ مسافر 
لو كنت غُبارَ الأرضْ يثورْ
في أحشاءِ الريحِ يقامرْ
لاخْتَبَأَتْ أوصالي
تحت جناحِ العصفورْ
و شَرِبتُ غُيومكِ شوقاً
للأرضِ و أشجارِ الحورْ
لو كنتُ عبيرَ الزهرِ و قلبي
يسكُنُهُ النَّحْلُ العاشقْ
لَتضوَّعَ منْ روحي عطرُ الشوقْ
ومضى في الأفقِ بيارقْ
لنَشرتُ جُماحَ العبق الدَّافئْ
في جعبةِ كلِّ مفارقْ
كي يبقى في سحرِكِ مسجونْ
***
لو كنتُ خيوطَ الشمسْ
لو أنِّي أملكُ يومي أو أمسْ
لَتَجَذَّرَ ساقي في عمقِكِ عذراً
عن كلِّ رحيلْ        


هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

رائعه يا ميسون
لكن كيف استطيع الحصول على قصائدك الأخرى
شكرا لك

ميسون طه النوباني يقول...

أشكرك جزيل الشكر أخي الكريم
ساحاول وضع معظم قصائد الديوان على هذه المدونة